### **تحول تاريخي: أوروبا تضع اتفاقية الشراكة مع إسرائيل تحت المجهر**
**في خطوة غير مسبوقة تعكس تحولاً لافتاً في
سياسات القارة العجوز، قرر الاتحاد الأوروبي مراجعة اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع
إسرائيل، وهو ما يمثل أقوى إجراء دبلوماسي واقتصادي قد يتخذه التكتل ضد تل أبيب
منذ عقود، على خلفية استمرار عملياتها العسكرية في قطاع غزة وتداعياتها الإنسانية
الكارثية.**
![]() |
### **تحول تاريخي: أوروبا تضع اتفاقية الشراكة مع إسرائيل تحت المجهر** |
القرار
يمثل هذا القرار، الذي تم اتخاذه في اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبو في 20 مايو 2025، نقطة تحول في علاقة تمتد جذورها لعقود، وتحديداً منذ توقيع **"اتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية"** التي دخلت حيز التنفيذ عام 2000. شكلت هذه الاتفاقية حجر الزاوية في العلاقات الثنائية
- مانحةً إسرائيل امتيازات اقتصادية وتجارية هائلة، بما في ذلك الوصول المعفى من الجمارك إلى أكبر
- سوق موحد في العالم، بالإضافة إلى شراكات متقدمة في مجالات حيوية مثل البحث العلمي (برنامج
- هورايزون أوروبا) والنقل الجوي (اتفاقية
السماوات المفتوحة).
لفترة طويلة، ظل هذا الإطار القانوني محصناً ضد أي محاولة لاستخدامه كورقة ضغط سياسي، رغم الدعوات المتكررة من بعض الدول الأعضاء مثل إسبانيا وأيرلندا. إلا أن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، والتي بلغت ذروتها بفرض حصار مطبق لأكثر من 80 يوماً، أدت إلى تآكل الإجماع الأوروبي الحذر ودفعت دولاً كانت تعتبر تقليدياً صديقة لإسرائيل، مثل هولندا، إلى تبني مواقف أكثر صرامة.
مراجعة الاتفاقية
كانت هولندا هي التي تقدمت بالاقتراح الرسمي
لمراجعة الاتفاقية، مستندة إلى المادة الثانية منها، التي تربط صراحةً تطبيق
الاتفاقية باحترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية. ورغم أن التوقعات الأولية
كانت تشير إلى فشل الاقتراح في حشد الدعم اللازم، شهد الاجتماع تحولات دراماتيكية.
فقد ساهمت أنباء تعليق بريطانيا محادثاتها التجارية مع إسرائيل، وكلمة مؤثرة لوزير
الدولة الأيرلندي، في تغيير دفة النقاش، مما دفع دولاً مترددة مثل الدنمارك
والنمسا وسلوفاكيا إلى الانضمام للمعسكر المؤيد للمراجعة.
- انتهى التصويت بأغلبية كبيرة بلغت 17 صوتاً مؤيداً مقابل 9 أصوات معارضة، بقيادة ألمانيا والمجر
- اللتين تتمسكان بدعم مطلق لإسرائيل. ورغم أن القرار لا يعني تعليقاً فورياً للاتفاقية، إلا أنه يطلق
- عملية تحقيق رسمية من قبل المفوضية الأوروبية وهيئة العمل الخارجي الأوروبية (EEAS) لتقييم
- مدى التزام إسرائيل ببنودها.
تكمن أهمية هذه الخطوة في أنها تفتح الباب أمام
فرض تدابير عقابية ملموسة. وفي حين أن الإجراءات السياسية تتطلب إجماعاً كاملاً
يصعب تحقيقه، فإن الإجراءات ذات الطابع التجاري، مثل إعادة فرض رسوم جمركية على
سلع معينة، تتطلب أغلبية مؤهلة فقط، وهو أمر أصبح الآن في متناول اليد.
- يأتي هذا التحرك الأوروبي في سياق ضغط دولي متزايد. فقد أصدرت المملكة المتحدة وفرنسا وكندا
- بياناً مشتركاً يهدد باتخاذ "إجراءات ملموسة" ضد إسرائيل، كما تسعى فرنسا بنشاط لحشد اعتراف
- أوروبي جماعي بالدولة
الفلسطينية.
الختام
في المحصلة، وبينما لا تزال النتيجة النهائية لعملية المراجعة غير مؤكدة، فإن مجرد اتخاذ هذا القرار يبعث برسالة سياسية واضحة مفادها أن الصبر الأوروبي قد بدأ ينفد، وأن "الحصانة" التي تمتعت بها إسرائيل طويلاً لم تعد مضمونة.
لقد انتقلت أوروبا من مرحلة الإدانات اللفظية إلى
التلويح باستخدام أقوى أسلحتها: النفوذ الاقتصادي. وهذا بحد ذاته يمثل تغيراً
جوهرياً في ديناميكيات الصراع قد تكون له تداعيات بعيدة المدى.